الواجم في رحيل ود المكي شِـعـر: جمال محمد إبراهيم

الواجم

 

في رحيل ود المكي شِـعـر: جمال محمد إبراهيم

 

وَجـَمَــتْ حَـمَـامَـتـُنـا وَبَـحَّ هـَــدِيْــلـُهـَـا
فـي لـيــلـةٍ ظـلـمَــاءِ غَــابَ مَـثِـيْــلـُـهَـا
شَـجَـرُ الطـرِيْـقِ تَـيـَتـمَـتْ أغـصَــانُـهُ
وَبكَـى عَـلى يـبَـسِ الـتـُّمــوْرِ نخـيْــلـُهَـا
هـَـبَّــتْ نـسَــائـمُهَـا عَـلـى بُـسْـــتـَانِـهـَا
مَـا بَالـهَـا انصَـرَمَـتْ وَغَـاب عَـلـيـْـلـُهـَا
وَسَــحَائـبٌ مَــرَّتْ بـشـمـْـسِ نـهَـــارِنَـا
لـمْ يـرْوِ ذابِـلـةَ الــوُروْدِ هُـطـــوْلـُهَـا
يَا لـيـلـةً عَـصَـــفـَـتْ بأقــمَــارِ الـدُّجَـــَى
وَغَـشــَى لـتسْـهِـيْـدِي عَـلـيَّ طــوِيْـلـُهَـا
مَـنْ ذا يُـحـــدِّث نَـفــسَــه بـِوَداعِــهَــا
إلّا إذا أوْحَـــى الـــوَداعَ رَحـِـيْـــلـُـهَــا
مِــنْ بَـارِقٍ يَـصِــلَ السَّــمَـاءَ بـِبَـــارقٍ
فَـيَـهِــلَّ مِـنْ بَـيـْـنِ السَّـــديْـمِ أصِــيْـلـُـهَـا
َـا مـَــن يُـودِّع أمَّـــــةً بـقـَـصـيـْــــدةٍ
أيـودَّع الـنَّجـــمَ الـمُضِـيءَ سُــهَـيْـلُـُهَـا
مَا اسْـتعـصَتْ الكلـمَـاتُ في تلـمـيـحـِـهَـا
وَعَـصَى عَـلى أهـْلِ الحِـجَــا تـأويـلـُهَـا
قـالَ الـمُـغـَــادرُ أنـعـِـمُــوْا بـخَــرَائـِـبٍ
لكُـمُـو كـثـيـرُ كُــنـُــوْزِهـا وَقــلـيْــلـُهَــا
فَـَـتـكَــتْ بـأقـــــدارِ الــزَّمـَـــانِ نَـوَازِلٌ
شَــــهِـِدَ الـدَّمـارَ جَـرِيحُــهَـا وَقــتـيـْـلـُهَـا
أتكونَ أمَّـتــُكَ التي أحبَـبـْتهَـا يَـا شَـاعِـري
في الجُـبِّ غَـرقـىَ وَانـطـفـا قِـنـدِيْـلـُهَـا؟
وَلـمَنْ سَـتتركَ بُـرتقـالـك وَالرَّحِـيـْقَ البِكْـرَ
مِـــن شَـــــجَـٍرٍ سَــــبَـاكَ جَــمِــيـْـلـُـهــَا
لنْ تترُكَ البُسـتانَ إذ لـكَ وردةٌ في قـلـبـِهِ
وَلـكَ الحَـبـيـبـةُ مِـثـلـمَـا لـكَ جِــيْــلـُهَـا
وَلـكَ الـغِــنَــاءُ الـمُـستجــيـْش مَـحَــبَّــةً
لِـلـنِـيـْلِ فِـي أرضٍ رَعَـتـْـكَ سُــهُـوْلـُـهَـا
وَلـكَ ابـتـداءاتٌ لِعـَـزَّةِ حِـيْـنَ أشْـــجَى
” بالـلـحُــوْنِ الـزّاهـِـيَــاتِ “خَــلــيْــلـُـهَــا
هَـــذا ِقـطـَــــارُ الغـَـــرْبِ في قُـضــبـَانِهِ
عَجـَـلاتـُهُ انكَسَـرَتْ وَضـَـاعَ صَـلـيْـلـُهـَا
سَـتـرَى جُـمُـــوْعَ الضّــاربـيْـِـنَ الأرضَ
والـتَبَسَتْ عَـلـيْهِـمْ في الـرَّحيْـلِ سَـبِـيْـلـُهَـا
كُلُّ الدِّيارِ تشَـابَهَـتْ عِـندَ الدُّجَـى أطـلالـُهَـا
لَمْ يَهْـتـَدِ لـلعَامِريةِ في الخِـبَاءِ خَـلـيْـلـُهَـا
لا لــنْ تُـوَدِّعـَـــنـَـــا فَـظِـــــلـُّـكَ وَارِفٌ
رَحـْبُ الـنّـضَــارةِ وَالـظَّـلـيْــلُ خَـمـِيـْلـُهَـا
أرســـلتُ في الــيَــمِ الــدَّفـِـيءِ قـــوَاربــاً
وَصَفَّــــقَ نِـيــلُـُهَـا فَـرِحَـــتْ شَــوَاطِـئُــهُ
لَـكِـنَّ حُــسَّـــاد الــزَّمَـــانِ تجَـــاهَــروا
كَـبُـرَتْ ضـغـائِـنُـهُــمْ وَحَــلَّ وَبـيْـــلـُـهَـا
حَــسـَــدٌ تجَــرَّعَ سُــمَّــهُ فـي سَـــاحَـةٍ
*ياسِــيـنُها” وَ”جَـمَـالـُهَا” وَ”عَــديْـلُـهَـا
أحَــــدٌ مَــا قــامَ بَـعــــدَ رَحـِـيْـــلـِـهـِـِمْ
إلّا وَأسـْــقـَـتـْه الـسُّـــمُـوْمَ ثَـقِــيْـــلـُهَـا
لوْ حاســدٌ مُـلِـكْــتُ أمْــرُ فِـعَـــالِـهِ
قُـبَـيْـلَ أزيْـلـُهَـا شـَــأفـتَـهُ لـقـَطـعــتُ
وَأرُوْمَةٌ مَـدَّتْ لأمجَادِ السَّمَاءِ حِبَـالـَهَا
قَـد كُـنتَ زيْـنَـتـَهَـا وأنتَ سَـــلِـيْـلـُـهَـا
فَجَـثـوْتَ عِـنـدَ مـديْـنَـةٍ شَــهِـدَ الغُــدُوُّ
صَــلاتِكُـم فِـيْـهَـا وَطــابَ أصِـيْــلـُهَـا
مَـا نـالَ مِـن فَـيْــضٍ لـدَيْــكَ مُـكَــابِــٌر
وَحَـمَـاكَ مِـن كَـيْــدِ الـعِــدَا اسْــمَـاعِـيْـلـُهَـا
قـد نـلــتَ مِـ ن فِـــرْدَوْسِ رَبـِّـكَ جَـنّــةً
شـهِــدَ الـهُــدَى والـنُّــوْرُ أنــتَ نَـزيْـلـُـهَـا
القاهرة- اكتوبر/نوفمبر 2024